سلسه الاقدار بقلم نورهان العشري
المحتويات
بقوة إلى سائر جسدها قبل أن ترفرف برموشها ليأثره ذلك الشعاع الأخضر الذي يطل من عينيها فاقترب ناثرا فتات السكر فوقهم قبل أن يقول بلهجه مبحوحة
وحشوني..
اخجلتها
كلماته وأفعاله فقالت بخفوت
لحقوا
ياسين بخشونة
لحقوا ! دانا شويه وهحسد النوم اللى خدك مني ..
حلا بإندهاش
أنت منمتش
لا
ليه أنت كدا هتتعب .. اليوم طويل
راقت له لهفتها فعانق توتيتها بخاصته قبل أن يرفع رأسه قائلا بخفوت
نقشت كلماته حروفها فوق جدران قلبها الذي تقاذفت دقاته فاهتزت نبرتها حين قالت
قد كدا بتحبني
بحبك أكتر من أي حاجه في الدنيا ..
ارتج
قلبها پعنف جراء كلماته الرائعة و التي لم ترتوي منها أبدا فقالت بدلال
قولها تاني
دلالها كان أكثر ما يمكن احتماله فتبدد إخضرار عينيه و أزداد قتامة و قال بأنفاس محمومة
حلا بدلال
اللي هي
انك وحشتيني ..
حوت كلماته شغفا قاټل أتقن سكبه فوق تقاسيم وجهها قبل أن يجرفها تيار عشقه إلى عالم ساحر يقتصر على كليهما فقط .. عالم لم تستطيع حكايات العشق أن تسطره أو تصل إليه .. كان بارعا في سلبها أنفاسها و اللعب على ثباتها الذي طار أدراج الرياح فأي ثبات أمام رجل مثله ! يعرف جيدا كيف يجعلها تصل إلى قمة السعادة .. تتقلب بين جنان عشقه على جمرات الشوق و لهيب الهوى .. يعزف على أوتار قلبها باحتواءه لها الذي يكن تارة قوي شغوف وأخرى حاني مراعي . يقودها إلى الجنون الذي تعزفه سيموفونياتها العاشقة فيتجدد شوقه مرة أخرى و يتعاظم الشغف بداخله فيبثها إياه بكل ما أوتي من عشق لا ينضب أبدا فقد عرف الطمأنينة بجانبها فهي الشخص الوحيد الذي احتوى جراحه و تخبطاته و امتص جميع أوجاعه ..
مش مصدق أني وصلت ل أوضتنا أخيرا ..
لامست تعبه الواضح فقالت بحنو
معلش عدت الحمد لله .. أدخل خد شاور على ما اجهزلك حاجة سريعة تاكلها و نام لك شويه ..
تأرجحت إبتسامة ساخرة على شفتيه فأبرزت بعمق غمازتيه الرائعتين و أقترب منها بخطوات هادئه تنافي قوته في التمسك بها و احتوائها قبل أن يقول بخشونة
ناظرته باستفهام و شاب القلق نبرتها حين قالت
في إيه يا سليم قلبي واجعني أوي و حاسه أن في حاجة كبيرة حاصلة و أن موضوع مروان دا وراه مصېبة كبيرة.. و مين البنت دي
قاطع حديثها اشتداد حصاره عليها أكثر وهو يقول بخفوت
سلامة قلبك من الۏجع .. متخليش دماغك الحلوة دي تفكر في حاجات وحشة .. و أن شاء الله كل اللي جاي خير ..
حتى الكلمتين مش لاحق أقولهم ..
لون الخجل ملامحها و أخفضت رأسها فزينه بغرس ورودا حمراء تروي مدى تأثره بها و عشقه لها قبل أن يبتعد قائلا پغضب مخاطبا هذا المتصل الذي يعلم هويته جيدا
خلاص يا سالم هتوضي و أصلي ارحمني من العيلة دي يارب ..
طب بزمتك حد يسيب الضحكة القمر دي و يروح للأشكال الغلط دي
اختلطت ضحكاتهم و خرج سليم من الحمام فتوجهت إليه قائلة بنبرة يشوبها الحرج
سليم
لا سليم إيه أنا متوضي يا بنتي ..
اندهشت من كلماته و صاحت مستفهمة
طب فين المشكلة و أنا كنت عملت ايه
سليم مغازلا
كلك على بعضك مشكله ..
راق له خجلها فتابع يشاكسها
طب يعني لما تقوليلي سليم الحلوة دي مفروض اسكت مثلا ! حد قالك اني مابحسش ولا حاجه
ارتدت قناع الجدية وهي تقول
والله لو ما بطلت ما هقولك عايزة إيه
لا و على أيه .. أؤمر يا قمر
خرجت الكلمات من بين شفتيها بتمني راق له كثيرا
أنا نفسي نصلي جماعة مع بعض ..
تعابيرها الطفولية و طريقتها اللطيفة في الحديث إضافة إلى طلبها الذي أسعده بشدة كل تلك الأشياء لها وقع السحر على قلبه الذي يود لو يختطفها من العالم أجمع..
انجري يا جنة روحي اتوضي ..
قهقهت على لهجته و تقاسيمه التي لونها القهر و اتجهت الى الحمام توضأت وخرجت لتجده ينتظرها و سرعان ما ارتدت جلباب الصلاة و توجهت لتقف خلفه و ما هي إلا ثوان حتى أقام الصلاة ركعة تلو الأخرى و سجدة تليها سجدة و دعاءها الذي لا
يفارقها
سبحان الذي رزقني هذا من غير حول لي ولا قوة يا مديم النعم أدمه لي في حياتي و أصلحني به و اصلحه بي .. و هبنا ذرية صالحة و احفظ لي ابني وأجعله قرة عين لي و له و أعنا على تربيته و أجعله ذرية صالحة لنا و اعفو عن أباه و اغفر له انك أنت العفو الغفور ..
لا تعلم لما كانت تدعو له ولكنه و بالرغم من كل سيئاته فهو
السبب لكل شيء جيد حدث لها بداية من محمود طفلها الحبيب إلى سليم رفيق الروح و وتين القلب .
انهى سليم الصلاة والټفت ناظرا إليها و قم بمد يده لها فناولته يدها لتتفاجئ به وهو يقوم بختام الصلاة على أناملها مرددا
سبحان الله الحمد لله الله اكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير
انبثقت العبرات
من مقلتيها تأثرا حين أردف بخشونة
عايز نكون سوى في الجنة .. عايزك مراتي دنيا و آخرة ..
أفصحت عينيها عن عشقا جارفا و ترجمته شفتيها حين قالت بتأثر
انا مكنتش أتخيل أن عوض ربنا ليا هيكون كبير أوي كدا ..
سليم بحنو
عايزك تعرفي حاجه مهمة أوي يا جنة .. ربنا لما بيبتلي حد يبقى بيحبه ولما بينزل البلاء بيكون على قدر طاقة الإنسان . لقوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ..
تعلقت عينيها بحديثه المريح للنفس فتابع بخشونة
ولما الإنسان يصبر يقوم يشتد الكرب أوي عشان ربنا بيختبر مدي قوة ايمان الإنسان فينا و مدى تحمله مع العلم أنه الكرب دا ممكن يكون باب خير كبير بس إحنا منعرفش ربنا قال عسى أن تكرهوا شيئا و هو خيرا لكم. وشوفتي هو إبتلانا بس بيطمنا في الآية اللي بتقول واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا تخيلي ربنا بعظمته بيقولك أنت في عنيه ..
ترقرقت العبرات في مقلتيها تأثرا فأضاف بحنو
و في عز ما احنا موجوعين و صابرين على الإبتلاء تقوم تنزل رحمة ربنا و تلطف بينا إن مع العسر يسر اوعي تفقدي إيمانك بربنا مهما حصل .. ربنا عوضه عظيم فوق ما تتخيلي .. سلمي أمورك ليه و دايما قولي افوض أمري لله والله بصير بالعباد .. دا بقي راحة ما بعدها راحة
كانت تناظره بعينين مشدوهتين بما تسمعه .. فذلك الرجل تجاوز كل تخيلاتها بمدى روعته فقد كانت كلماته تصف كل ما تعرضت له و قد كان هو عوض الله الذي وعد بها بعد طول الصبر و الألم .
لم تمنع نفسها وهي تستكين بين جنبات صدره واضعه رأسها فوق موضع نبضه الذي يخفق بقوة تأثرا بقربها وقام بنثر عشقه فوق مقدمة رأسها حين سمعها تقول
الحمد لله على أنك موجود في حياتي .. أنا كنت طول عمري بصلي وبقرأ قرآن بس بعد كلامك دا حسيت إني فايتني كتير أوي.. أنا محتاجه أعيد حساباتي من تاني و أقرب من ربنا بقلبي اكتر ..
اشتد حصاره لها وهو يقول بحنو
اول حاجه تبتدى بيها أنك دايما تحمدي ربنا على كل حاجة عشان ربنا يباركلك فيها ربنا قال و لئن شكرتم لأزيدنكم
همست بخفوت
الحمد لله
تابع بلهجة دافئة
واوعي تألفي النعم فتشوفيها عاديه و لا تسلمي للشيطان لما يقعد يشوه لك كل النعم اللي حواليك .. في ناس كتير تتمنى تعيش نص حياتنا دي
التفتت تناظره بحلا عينيها التي توهجت فأضاءت وجهها الفاتن و همست بعذوبة
مش انت وعدتني أننا هنحفظ قرآن سوا
سليم بحب
وعدتك و هنفذ في أقرب وقت أن شاء الله..
عادت إلى مكانها بين جنبات صدره وهي تهمس بحب
ربنا ما يحرمني منك أبدا ..
قاطع لحظاتهم الجميلة رنين الهاتف فاستغفر سليم في سره وانتزع نفسه منها على مضض ليجيب فجأة صوت سالم الصارم
دقيقة و ألاقيك قدامي
طيب
أغلق الهاتف و الټفت قائلا بمزاح
ربنا عالظالم .. قولي لفرح سليم بيقولك أنت مش مسيطرة خالص .. و شكلك وحش
جدا
نزلت خطوات الدرج متوجهه إلى المطبخ لمتابعة الأعمال هناك فتفاجئت بجنة التي نادتها
فروحة ..
قلب فروحة..
حاوطت جنة خصرها كما اعتادت أن تفعل في السابق و بادلتها فرح بإحتضان كتفيها فإذا بجنة تقول بمزاح
سليم باعتلك رسالة و محلفني أوصلهالك ..
خير .. العاشق الولهان باعتلي إيه
جنة بمرح
بيقولك أنت مش مسيطرة .. و شكلك وحش ..
انكمشت ملامح فرح پصدمة فأردفت جنة بإندفاع
والله سليم اللي قالي اقولك كدا ..
و أنت أي حاجه سليم يقولها تيجي تقوليها كدا عادي
لم تكد تجيبها حتي سمعت صوتا حاد من خلفهم فالتفتت الاثنتان تناظرا سالم الآتي من غرفة مكتبه فناظرته فرح بحنق لم تخفيه و على عكسها اړتعبت جنة من رؤيته وقالت بإرتباك
والله يا سالم بيه .. ما كنت أقصد أنا ..
سالم بحدة مزيفه
سالم بيه !! غلطاتك كترت يا جنة.. أنا مش هعاقبك .. هعاقبه هو .
لا بالله عليك بلاش هو .. دا طيب والله .
هكذا تحدثت جنة باندفاع فواصل سالم مزاحه قائلا
هو اللي طيب و لا أنت اللي هبلة ..
ابتسمت جنة و قالت متصنعه الصدمة
أنا هبلة
تدخلت فرح بمرارة
مش لوحدك يا حبيبتي. إحنا الأتنين أهبل من بعض ..
كانت تناظره بحنق لم تخفيه فقابل حنقها بابتسامة مستفزة فقد كانت تروقه بكل تعبيراتها و خاصة الغاضب منها لذا استغل هروب جنة و أقترب منها قائلا بخشونة
متقوليش على نفسك كده . في حد اهبل و حلو بالشكل دا
سخرت بمرارة
تخيل !
واصل استفزازه قائلا
اوعي
تقولي انك زعلانه من كلام سليم ..
و أزعل ليه إذا كان بيقول الحقيقة
لم يكن لا المكان ولا الزمان يسمحان له بأن يريها كم تؤثر به ومدى سيطرتها علي قلبه لذا اقترب خطوة و تحدث بلهجته الخشنة المٹيرة
بقى أنت مش مسيطرة أومال مين اللي واخد قلبي لحسابه
لا تنكر أن كلماته أثرت بها كثيرا ولكنها لم ترد الإستسلام أمامه لذا قالت بتهكم
لما تبقى تعرف ابقي قولي ..
اجابها بنفاذ صبر
فرح !!
عن أذنك
هرولت للأعلى لا تعلم لما شعرت برغبة قوية في البكاء و لم ترد لأحد أن يراها وهي تبكي لذا قصدت غرفتها و تحديدا غرفة الملابس التي أغلقتها بالمفتاح من الداخل وهوت على السرير لتنخرط في نوبه بكاء عڼيفة
دلف الثلاثة إلى المكتب فصاح مروان باعتراض
بقي يا ربي تاخدوني من الدار للڼار على طول كدا
تجاهله سالم و ناظر سليم بحدة تجلت في نبرته حين قال
من بكرة هتنزل القاهرة في شغل كتير متعطل لحد ما اخلص من موضوع الانتخابات دا.
سليم باختصار
تمام . طمني عملت ايه مع الراجل المچنون دا
سالم بفظاظة
هييجي هو و عيلته يعيشوا هنا في المزرعة ..
أنهى كلماته ثم توجهت أنظاره الي مروان وهو يقول بأمر
تشوفله شغل كويس و سكن يكون جنب شغله ..
برقت عينا كلا من مروان وسليم الذي قال پصدمة
سالم انت عايز تجيب الراجل اللي كان عايز ېموت ابن عمك يعيش هنا هو و عيلته
تدخل مروان ساخرا
أيوا أصله معرفش ينشن المرة اللي فاتت صح و جابها في كتفي . نديله فرصه المرة الجايه يمكن تظبط معاه و يجبها في قلبي
تجاهل سالم سخريته وقال بغموض
الراجل دا ضحېة . و اللي ظلمه لازم يتعاقب ..
مروان بسخط
اللي تشوفه .. اومال طارق فين
سالم باختصار
في مشوار و عالأغلب مش هيرجع في خلال يومين ..
سليم باستفهام
مشوار ايه
سالم بنفاذ صبر
سيبك من طارق و خلينا في المهم ..
سليم بسخط
وهو ايه المهم
سالم باختصار
عمتك عايزة حقها. و اربع اضعاف تمن الأرض بتاعتها ..
خرجات صيحات الاستنكار من كلا من سليم و مروان الي قال
انا قولت الولية دي اتهطلت محدش صدقني .. يا جدعان خطبوها ولا جوزوها ولا شوفولها اي حاجه تتلهي فيها عننا . دي حالفة لا تشل العيلة كلها
سليم بتهكم
اول مره تقول حاجه صح في حياتك ..
قاطع حديثهم طرق الخادمة على باب الغرفة تعلن عن وقت الطعام فتحدث سالم آمرا
طلعي العشاء بتاعي علي اوضتي .. و انتوا يالا روحوا اتعشوا..
انصرف الجميع فتوجه إلى الأعلى بخط تحمل اللهفة فقد مرت ساعتان منذ أن تركته و صعدت للأعلى و قد قرر إنهاء ذلك الخصام اللعېن و مراضاتها فقد انشغل عنها كثيرا و من المؤكد أن كل ما تمر به جراء شوقها إليه فهو مثلها يرغب في تحطيم كل تلك الأشياء التي تبعده عنها.
خطي الى داخل الغرفة فوجدها خالية فاعترته الدهشة فتوجه الى الحمام يبحث عنها فوجده خال فلونت وجهه ابتسامه لم تصل إلي عينيه وهو يعيد خطواته إلى غرفة الملابس و قد تعاظم الڠضب بداخله حين لمح نورها المنبعث من أسفل الباب فقام بالطرق عليه بقوة فلم يأتيه رد و ما أن هم بالطرق مجددا حتي سمع صوت انغام آتيه من الداخل تلاها صوت فايزة أحمد وهي تشدو معاتبة
بتسأل ليه عليا و تقول وحشاك عنيا. من امتى انت حبيبى و دارى باللى بيا. ياللى بتسأل عليا ملكش دعوة بيا ياللي بتسأل عليا .. ملكش دعوة بيا .. بتسأل ليه ليه ليه بتسأل ليه عليا
دهشة عارمة تملكته حين سمع كلمات الأغنية فقد شعر في تلك اللحظة بأن تلك المرأة تنوي إصابته بجلطة دماغية .
هي حصلت يا فرح مشغلالي فايزة أحمد
تابع الطرق بصورة أقوى على الباب وهو يزمجر غاضبا
افتحي الباب يا فرح بلاش شغل عيال ..
شهقت مغتاظه منه وتمتمت بحنق
شغل عيال ! انا بعمل شغل عيال . و بيزعق كمان ! طب والله مانا فاتحه.. مش فاتحه يا سالم و مش عايزة اتكلم معاك
علا صوتها حتى وصل مسامعه حين قالت جملتها الأخيرة فانكمشت ملامحه پغضب قاتم
متابعة القراءة