إعجاز القرآن الكريم

موقع أيام نيوز


الحقائق عندما تعيش في وجدان المسلم ويتربى عليها يكون انقياده لشريعة الله المنزلة في كتاب الله انقيادا تاما مستوليا على كل شخصيته ويعد نفسه متعبدا إلى الله تعالى خالقه بكل تكليف وكل أمر وكل نهي يرد في القرآن أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يقف منه الموقف المذعن للأمر بالائتمار وللنهي بالانتهاء.
وهكذا إذا صحت العقيدة كان الأخذ بالتشريع القرآني على مستوى صحة العقيدة فتصبح كل عبادة مفروضة من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها من ضروب العبادة مظهرا من مظاهر الصلاح الذي ينعكس أثره على المجتمع في مجموعه والدولة في نظامها.

فالصلاة تربية روحية يتعلم الفرد من خلالها نظام الجماعة فهو يؤديها في جماعة خمس مرات في اليوم والليلة فيتعلم النظام ويتعلم الإيجابية فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهو في اتجاهه إلى قبلة واحدة يتفكر في تلك القبلة التي يصلي إليها المسلمون جميعا في مشارق الأرض ومغاربها فيشعر بالوحدة الإسلامية والآصرة الإيمانية تملأ أرجاء نفسه وتسيطر على كيانه ومشاعره.
والزكاة تقتلع من النفس جذور الشړ وعبادة المال والحرص على الدنيا وهي في صالح الجماعة فهي تقيم دعائم التعاون بين أفراد المجتمع وتشعر النفس بتكاملها مع الآخرين.

والصوم ضبط للنفس وشحذ لعزائمها وحبس للشهوة وتقوية للإرادة وهو مظهر اجتماعي يجمع المسلمين شهرا كاملا على نظام واحد في الطعام والشراب فتقوى الأواصر وتتوحد الهمم والمشاعر.
والحج سياحة روحية وتجوال في أماكن مهبط الوحي الأولى وبها ينخلع المسلم من أهله ووطنه وجواذب الأرض والطين لينضم إلى قافلة المقبلين على الله.
ومن تربية القرآن للفرد ينتقل إلى بناء الأسرة على دعائم صالحة من الود والرحمة كما قال تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون الروم 21.
وتقوم المعاشرة داخل الأسرة المسلمة على المعروف وللرجل القوامة التي تعني القيام بالرعاية واستشعار المسؤولية.
ثم يأتي نظام الحكم الذي يقوم في المجتمع المسلم فهو كما أراده الله تعالى وبينه في القرآن نظام يقوم على الشورى الملزمة فلا استبداد برأي ولا تعطيل لقوى المجتمع الحية في تنمية المجتمع وترقيته قال تعالى وأمرهم شورى بينهم الشورى 38.
هي إذا حكومة الشورى والمساواة والعدل والحرية وتحكيم الشريعة في الصغير والكبير من أمور الدولة كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا النساء 135.

وكما قال تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا النساء 58.
والتشريع الإسلامي جاء تشريعا قائما على أصول صالحة عامة فهو تشريع مرن يصلح لحاجة الجماعة البشرية في كل عصر وهو تشريع متوازن متكامل يجمع بين حاجات الروح ومطالب البدن.
ولقد جاء القرآن بأصول التشريعات المختلفة من تشريعات اجتماعية واقتصادية وسياسية ودستورية ودولية وجنائية في أسلوب سهل بديع يهيئ الملكة العلمية للاجتهاد والتطوير المنضبط بالثوابت والقطعيات وبما يتلاءم مع ظروف العصر وحاجات كل جماعة من الجماعات البشرية.
ومن سمات التشريع القرآني المعجز
أولا الربانية
أول ما تمتاز به شريعة القرآن عن قوانين البشر جميعا أنها شريعة ربانية المصدر ربانية الوجهة.
فربانية المصدر تتمثل في أنها ليست من وضع البشر الذين يستولي على عملهم دائما النقص والقصور والعجز عن بلوغ الكمال فضلا عن مؤثرات الزمان والمكان والحال والهوى والعاطفة.
وربانية الوجهة تتمثل في أن هدف الشريعة القرآنية الأول هو ربط الناس بربهم حتى يعرفوه ويوحدوه ويتقوه حق تقواه ويعبدوه حق عبادته.
وليس هذا خاصا بالعبادات الفردية فقط وإنما يشمل سائر أحكام الشريعة في مجالاتها المختلفة الاجتماعية والمدنية والدستورية والدولية والجنائية وغيرها.
ثانيا العالمية أو الإنسانية
حيث إن شريعة الإسلام ليست شريعة قوم مخصوصين فهي ليست شريعة للعرب دون غيرهم وليست لشعب من الشعوب دون باقي الشعوب الأخرى بل هي شريعة عالمية إنسانية نزلت لتطبق في كل زمان ومكان
 

تم نسخ الرابط