روايه بدور

موقع أيام نيوز

عودتها من منزل دينا وهي شاردة الذهن تفكر فيما قصته عليها قبل قليل وصلت إلى قاعة الجلوس فوجدت الجميعهناك تقريبا عدا والدها ورسلان وخالد .. ألقت عليهم التحية ثم جلست بجانب أمجد بهدوء ولم تمنع نفسها من إختطاف نظرة نحو يامنفوجدته ينظر إلى الفراغ بشرود .
قوست شفتيها بحزن وبعض الشفقة وهمست 
_ أقوله ازاي أنا دلوقتي انها بتحب حد تاني 
إنتبه أمجد إليها فعقد حاجبيه بإستغراب وتساءل 
_ كنت بتقولي حاجة 
نفت برأسها بصمت لكن تعابير وجهها الحزينة لم تفته وضع كفه على وجنتها متسائلا بإصرار 
_ مالك يا بدور لو في حاجة مضايقاك ممكن تحكيلي !
أخفضت رأسها بضيق ثم رفعته وقالت بنبرة قريبة للبكاء 
_ هو احنا ليه بنتجنب الي بيحبونا والي بنحبهم بيتجنبونا ليه ميبقاش الحب متبادل بين كل اتنين وميبقاش في طرف تالت بيفضل يتوجعمن الحب ده إتسعت عيناه بدهشة من كلامها المفاجئ ودموعها التي أطلت لتتجمع في عينيها رمش بعينيه بعدم فهم ولم يعرف بما يجيب لكن دموعها التي أصبحت تنذر بالهبوط جعلته يجيب بمرح 
_ ممكن لاننا ناس بتحب تهزق وتتهزق 
طالعته بتفكير وهي تزم شفتيها ثم أومأت موافقة 
_ منطقي !
أتبعت كلمتها بتنهيدة ضيق فإستفسر أمجد بقلق 
_ مقولتيليش مالك وايه الي خلى الكلام ده يجي لبالك أصلا 
_ أنا كويسة متقلقش بس يامن ..
قطعت كلامها وهي تلقي نظرة سريعة عليه ثم تابعت 
_ انت عارف طبعا هو بيحب دينا جارتنا ازاي .. مع اني مش عارفة عرفها منين ولا حبها امتى بس كلنا عارفين انه ھيموت ويتجوزها .. بسالنهاردة لما اتكلمت معاها وسألتها هي رفضته مرتين ليه قالتلي انها بتحب حد تاني ..
رفع أمجد حاجبيه بدهشة ثم نظر إلى يامن سريعا قبل أن يعود ببصره إلى بدور التي أردفت 
_ وطلبت مني اعرف يامن بكده عشان يستسلم وميحاولش معاها تاني .. بس لما سألتها عن الشخص الي بتحبه قالتلي انه سابها من زمانومسألش عنها خالص !
رفعت عينيها إلى أمجد عندما لم تجد منه ردة فعل فوجدته يتطلع إلى يامن بحزن .. عاد ينظر إليها لثوان حتى تمتم بتساؤل 
_ لو كنت مكانها هتعملي ايه 
أجابت سريعا 
_ كنت هختار الي بيحبني طبعا !
لكنها أخفضت رأسها مردفة 
_ بس هي بتقول انها خاېفة تظلمه معاها .
لوى شفتيه بتفكير ثم همس بقلة حيلة 
_ معرفش المفروض نعمل ايه لاني مش خبير في المواضيع دي بس اعتقد ان الاحسن انك تتكلمي مع يامن وهو لو بجد متمسك بيهاوبيحبها هيتصرف .
أومأت برأسها بصمت ثم شردت قليلا قبل أن تلاحظ دخول والدها بوجه يعتليه الضيق .. وقفت بنية الحديث إليه لكنها وجدته يتجاهل الجميعويقترب من عبد
الرحمان ويهمس له بشيء ما قبل أن يقف هذا الأخير ويتبعه نحو غرفة المكتب .
عقدت حاجبيها بإستغراب وترددت في الذهاب خلفه لكنها تراجعت أخيرا وجلست مكانها محاولة كتم فضولها لمعرفة ما يشغل بال والدها .
دخل الإثنان غرفة المكتب بهدوء لكنهما تفاجآ بخالد مستلقيا على الأريكة ويضع سماعات أذن ويبدو منشغلا في عالم آخر .. إنتبه إليهمافإعتدل في جلسته ونزع السماعات قائلا وهو يرى الضيق على وجه عمه 
_ انت كويس يا عمي 
جلس عبد الرحمان خلف المكتب وجلس أكرم بمقابلته دون أن يجيب .. رفع خالد أحد حاجبيه بإستغراب وهم بتكرار سؤاله لكنه سكت وهويستمع إلى عمه الذي تحدث فجأة 
_ رسلان ..
نطق بذلك ثم سكت ثانية فتساءل عبد الرحمان بقلق 
_ ماله 
_ عايز يتجوز بدور !
رفع بصره إليهما بعد إلقائه الخبر باحثا عن أي أثر للصدمة لكنه تفاجأ بخالد يعود للإستلقاء على الأريكة وهو يزفر براحة 
_ أخيرا !
حملق أكرم به بتعجب ثم صاح بنفاذ صبر 
_ أخيرا ايه بقولك رسلان عايز يتجوز بدور ! لا وكمان بيقولي انه عايزها هي ومش هيتجوز غيرها !
رفع عبد الرحمان كتفيه ببرود مستفز وقال 
_ وايه الجديد 
حول أكرم بصره إلى والده وهتف بغيظ 
_ بابا ! انت متأكد انك سامعني كويس 
_ ايوة .. قلت ان رسلان عايز بدور ومش عايز يتجوز غيرها واحنا كلنا عارفين ده !
رمش أكرم بعينيه بسرعة بعدم إستيعاب ثم ضيق عينيه متسائلا بشك 
_ عارفين ومن امتى 
أجابه خالد بدلا عنه 
_ ايوة عارفين وكلنا لاحظنا تقريبا النظرات الي بينهم حتى
انت بس انت مكنتش عايز تقتنع انها كانت نظرات إعجاب ..
قوس أكرم شفتيه بإعتراض بينما أردف خالد بإستغراب 
_ بس أنا مش فاهم انت معترض على الفكرة دي ليه 
_ لأنهم أخوات !
صړخ بها وهو يكاد يجن من برودهم لكن عبد الرحمان أجابه بنفس هدوئه السابق 
_ انت بتكدب علينا والا على نفسك يا أكرم كلنا عارفين انهم مش أخوات وممكن يتجوزوا عادي !
أخفض أكرم رأسه بضيق ثم رفعه ثانية وتمتم 
_ بس 
إعتدل خالد في جلسته وتحدث بهدوء مقاطعا إياه 
_ بس ايه يا عمي أنا مش فاهم برضه انت معترض على جوازهم ليه وأنا وانت متأكدين ان بدور هتوافق عليه والا انت مش عايزهميفرحوا 
نفى الآخر برأسه سريعا وقال 
_ لا طبعا بس .. مش عارف ليه الفكرة مش عايزة تدخل دماغي ! وبعدين الناس هتقول ايه وهما فاكرين ان رسلان ابني و 
قاطعه خالد ثانية 
_ واحنا مالنا ومال الناس وانت من امتى بيهمك كلامهم أصلا 
إلتزم أكرم الصمت ولم يجب فتنهد الثاني وتابع 
_ فكر كويس يا عمي ! انت أكيد متفاجئ ان رسلان خد خطوة زي دي وانت فاكر انه مش هيحب خالص !
ظل الضيق يغلف وجه أكرم فإبتسم عبد الرحمان ووقف من مكانه متجها إلى إبنه ووضع يده على كتفه قائلا 
_ انت بتغير على بدور من رسلان صح 
إتسعت عينا خالد بدهشة وقد فهم أخيرا سبب إعتراض عمه على طلب رسلان خاصة وأنه لم ينكر ذلك .. جلس عبد الرحمان على الكرسيالمقابل لإبنه وأردف بإبتسامة باطنها ساخر 
_ دي سنة الحياة يابني ولو متجوزتش رسلان هتتجوز حد تاني وانت مش هتفضل ترفض العرسان طول عمرها !
أخفض أكرم رأسه وتمتم بإنزعاج 
_ بس أنا لسه شايفها يا بابا وعايزها تفضل معايا مدة أطول !
_ وهي هتروح فين يعني ماهي هتفضل هنا جنبك ومش هيفرق اتجوزت او لا !
أومأ خالد مؤكدا وأردف 
_ بس لو اتجوزت حد تاني ممكن ياخدها بعيد عنك ومتشوفهاش إلا كل شهر مثلا ده غير ان رسلان ابنك والمفروض تفكر فيه برضه وتوافقانه يتجوز البنت الي بيحبها .
زفر أكرم بقلة حيلة وهمس بإستسلام وإبتسامة متكلفة 
_ طيب .. بس الأهم بدور توافق !
أومأ عبد الرحمان بتفهم ثم إستند بمرفقيه على ركبتيه وشبك كفيه تحت ذقنه متمتما 
_ دلوقتي ياسين اتجوز ورسلان كمان هيتجوز .. وانت ناوي تاخد الخطوة دي امتى 
ختم كلامه ملتفتا إلى خالد فرفع الأخير حاجبه وتساءل مدعيا الغباء 
_ انهي خطوة 
_ الجواز .
زفر خالد بملل وتمتم 
_ مش عايز اتجوز دلوقتي انا مرتاح كده !
لوى عبد الرحمان شفتيه بعدم رضا وقال 
_ امال هتتجوز امتى انت عارف ابوك اتجوز وهو عنده كام سنة 
قلب خالد عينيه مجيبا 
_ اتجوز وهو عنده اتنين وعشرين سنة عارف وقولتلي كده أكتر من ألف مرة وأنا قولتلك ألف مرة اني ملقيتش البنت الي تناسبني زي باباولحد ما الاقيها هفضل عازب !
تمتم عبد الرحمان بعدم إهتمام وهو يشيح بوجهه بعيدا عنه 
_ على كده انت مش هتتجوز خالص !
قال ذلك قبل أن يشرد قليلا ثم يهمس بنبرة منخفضة وإبتسامة ماكرة 
_ بس أنا هجيبلك البنت دي قدامك وهخليك تجي تقولي انك عايزها في شهر واحد بس هي انهي وحدة من البنات 
شرد في أفكاره ثانية دون أن ينتبه إلى خالد الذي غادر غرفة المكتب أو إلى أكرم الذي
كان يحدق به بإستغراب .. هم هذا الأخير بالحديثلكنه تفاجأ بوالده ېصرخ فجأة وكأنه عثر على شيء مهم 
_ رحمة !
كانت لا تزال تجلس بقاعة الجلوس مستندة بخدها على كتف أمجد تحاول قمع فضولها وعدم الذهاب وإستراق السمع إلى الحديث الذييدور بين والدها وجدها .. رفعت رأسها إلى أمجد الذي كان شاردا في شيء ما فتساءلت دون أن تبعد رأسها عن كتفه 
_ مالك يا أمجد 
إنتظرت منه ردا لكنه لم يجبها ولم ينتبه إليها من الأساس فإعتدلت في جلستها ووكزته من جنبه بخفة .. أفاق من شروده حين إنتبه إليهاأخيرا وقبل أن ينطق بحرف كانت بدور تغمز له قائلة ببسمة خبيثة 
_ بتفكر فيها صح 
تساءل بعدم فهم 
_ هي مين 
_ ملاك ! هتكون مين يعني 
إبتسم بقلة حيلة وقال وهو يدفع وجهها بعيدا عنه بمزاح 
_ انت مش هتفكيني بقى ! والا فاكرة اني مش بفكر في اي حاجة غير ملاك 
أومأت بتأكيد وتساءلت 
_ ايوة مش انت بتحبها 
رفع كتفيه متمتما بحيرة 
_ لسه مش عارف بصراحة !
_ طب ماتفكر في كلامي وتروح تخطبها أنا متأكدة انك معجب بيها على الأقل !
أخفض أمجد رأسه وهمس بقلق 
_ ولو رفضتني 
رفعت بدور كتفيها بلا مبالاة قائلة 
_ مش هستبعد انها ممكن ترفضك بس لو محاولتش ممكن تخسرها وياخدها منك حد تاني .
لوى شفتيه بضيق وإعتراض واضح على تلك الفكرة لكنه لم يعلق .. تنهدت بدور بتعب ويأس منه فإلتزمت الصمت هي الأخرى وعادت تسندرأسها على كتفه ثانية .
جالت بنظرها على إخوتها وعميها وأبنائهم الجالسين بصمت وهدوء أفسده همسات ياسين لعائشة القابعة جواره والتي كانت تخفض نظرهاإلى الأرض بخجل واضح .
إبتسمت بدور بإستمتاع وهي تراقب محاولات ياسين الفاشلة في مداعبة شعرها فهو وعلى الرغم من الجرأة التي يظهرها أمام عائشةوأمام الجميع إلا أنه يخفي في باطنه خجلا يجاهد على عدم إظهاره .
ضحكت بدور بخفة وتابعت مراقبة حركاته لبعض الوقت حتى إستمعت إلى صوت خطوات
تقترب منهم فرفعت رأسها ليقع نظرها عليه وهويسير نحوها بملامحه الباردة .
إعتدلت في جلستها فورا وإبتسمت له كعادتها كلما رأته لكنه أخفض رأسه وتظاهر بأنه يفرك شعره بينما كان يحاول أن يمنع إبتسامته منالظهور .. رفع رأسه عندما وصل إليها لكنه لم يستطع الحفاظ على البرود الذي كان يغلف ملامحه فور مجيئه وبدا من الواضح أنه يجاهدعلى عدم الإبتسام .
حدقت به بدور بإستغراب وإنتظرت منه أن يخاطبها بسبب وقوفه قربها لكنها وجدته يجلس بالمساحة الشاغرة بجوارها بصمت .. إبتلعتريقها وهي تشعر بحرارة تسري في داخلها جراء قربه منها هذا غير دقات قلبها التي تسارعت وبدا وكأن صوتها مسموع للجميع .
مرت بضع دقائق بطيئة وهي تجلس بمكانها وتنظر إلى حجرها بتوتر لاحظه أمجد فتساءل بقلق 
_ بدور انت كويسة 
أومأت له محاولة العودة إلى هدوئها لكن
رسلان لم يسمح لها بذلك عندما قرب وجهه من أذنها وهمس لها بعد تأكده من إنشغال أمجدبالحديث مع إخوته 
_ عايزة مني ايه 
عقدت حاجبيها
تم نسخ الرابط